أهلا و سهلا بكم و أتمنى ان تنال المقالات العلمية المنوعة على رضاكم

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 26 أكتوبر 2008

الموصلات فائقة التوصيل

الموصلات فائقة التوصيل

د. حـازم فـلاح سـكـيـك

قسم الفيزياء كلية العلوم جامعة الأزهر



تقسم المواد من حيث قدرتها على توصيل الكهرباء إلى عوازل Insulators)) مثل الخشب، وأنصاف الموصلات(Semiconductors) مثل السيليكون، و موصلات (Conductors) مثل النحاس، و لكن هناك نوعاً اخراً وهو مايعرف باسم الموصلات فائقة التوصيل (Superconductors)
والموصلات فائقة التوصيل سميت هكذا نظرا لأنها عند درجة حرارة معينة (منخفضة نسبيا) تصبح مقاومتها للكهرباء مساوية للصفر، وتصبح قدرتها على التوصيل فائقة جداً، حيث أنه إذا ما وجد تيار كهربى فى حلقة متصلة من هذه المادة فإنه سوف يسرى داخل الحلقة بدون وجود مصدر للجهد الكهربى.

نبذة تاريخية


قبل عام 1911 كان الاعتقاد السائد أن جميع المواد تصبح فائقة التوصيل للكهرباء فقط عند درجة حرارة الصفر المطلق أى -273oم. ولكن فى تلك السنة لوحظ أن الزئبق النقى تصبح مقاومته مساوية للصفر عند درجة حرارة 4 مطلق أى -269oم ويمكن الحصول على هذه الدرجات المنخفضة بتسييل غاز الهيليوم. لقد كان هذا الاكتشاف مثيرا لاهتمام الكثير من العلماء لإيجاد تفسير علمى لهذه الظاهرة وخاصة بعد أن وجد أن هناك مواد أخرى لها نفس الخاصية عندما تبرد وهذا ما كان مخالفا للاعتقاد السائد انذاك. ولكن تسييل غاز الهيليوم مكلف جدا من ناحية مادية، ولذلك كان البحث فى هذا المجال محدوداً جداً إلى أن تم التوصل فى عام 1986 إلى مركب فائق التوصيل للكهرباء، رمزه الكيميائى هو YBa2Cu3O7 عند درجة حرارة -180oم، ويمكن الحصول على هذه الدرجة بتسييل غار النيتروجين و هذا غير مكلف و من هنا بدأت البحوث و التجارب العلمية تنشط لمحاولة فهم هذه الظاهرة وكيفية استغلالها فى تطبيقات صناعية و تكنولوجية، و كذلك فى البحث عن مواد تكون مقاومتها صفر عند درجات حرارة الغرفة أى 25oم.



خصائص هذه المواد


عند درجة حرارة معينة تعرف بدرجة حرارة التحول تصبح مقاومتة هذه المواد للتيار الكهربى مساوية للصفر.

اكتشف كذلك أن هذه المواد عند درجة حرارة التحول حساسة جداً للمجال المغناطيسى، حيث تنفر المجال المغناطسيى الخارجى أى أنها تعكس المجال المغناطيسى مهما ضعفت شدته.
هاتان الخاصيتان فتحت الأبواب أمام العلماء لاستغلالها فى ابتكارات واختراعات ذات كفاءة عالية تدخل فى معظم مجالات العلوم والتكنولوجيا، حيث أن هذه المواد (Superconductors) سوف تحل محل أنصاف الموصلات (Semiconductors) التى تدخل الأن فى صناعة الترانسيستور و الدوائر الالكترونية المتكاملة.


بعض التطبيقات الهامة


إن اكتشاف مواد فائقة التوصيل للكهرباء عند درجات حرارة مرتفعة نسبيا سوف يجعلها تدخل فى تركيب كل جهاز ممكن تصوره. أول هذه التطبيقات هو الحصول على وسيلة غير مكلفة لنقل التيار الكهربى، لأن التكاليف المادية لنقل التيار عبر أسلاك النحاس مرتفعة نظرا للفقد الكبير فى الطاقة على شكل حرارة متبددة نتيجة مقاومة السلك النحاسى، كذلك إذا ما قارنا قيمة التيار الذى يمكن نقله عبر السلك النحاسى حيث تبلغ شدته 100 أمبير لكل سنتيمتر مربع بينما فى السلك المصنوع من مركب الـ YBa2Cu3O7 تبلغ 100000 أمبير لكل سنتيمتر مربع.


كذلك فإن هذه المواد لها تطبيقات عديدة فى مجال الالكترونيات لما تمتاز به من قدرة عالية فى فتح و إغلاق الدائرة الكهربية لتمرير التيار ومنعه، وهذا يشكل العنصر أساسى فى بنية الكمبيوتر والبحث جارى الأن لإدخال هذه المواد فى صناعة السوبركمبيوتر، وإذا ما توصل إلى ذلك فإن هذا سوف يؤدى إلى تطور كبير فى مجال الكمبيوتر. أما فى مجال الطب فقد تم صناعة أجهزة ذات حساسية عالية جدا للمجالات المغناطيسية المنخفضة الشدة، وتستخدم الأن كبديل للمواد المشعة المستخدمة فى تشخيص الأمراض التى قد تصيب الدماغ، حيث يتم الكشف عن التغير فى المجال المغناطيسى المنبعث من الدماغ والتى تبلغ شدته 10-13 تسلا، وهذا مقدار صغير جداً لكن تلك الأجهزة قادرة على قياسه، كذلك يمكن بدقة تحديد مصدر الأشارات العصبية الصادرة من الدماغ وأيضا يمكن أن تستخدم فى البحث عن المعادن الدفينة فى باطن الأرض وعن مصادر المياه والنفط لأنها تحدث تغيراً طفيفاً فى المجال المغناطيسى للأرض وهذا التغير يمكن التقاطه بواسطة هذه الأجهزة.



وهنالك أيضا تطبيقات على مجال أوسع، ففى اليابان تم تصميم قطار يعمل على قضبان مصنوعة من هذه المواد فائقة التوصيل، وعندما تبرد هذه القضبان إلى درجة الحرارة المطلوبة فإن القطار بكامله يرتفع عن سطح القضبان نتيجة التنافر المغناضيسى ويصبح وكأنه يسير على الهواء وهذا يمنع الأحتكاك مما يقلل من استهلاك الوقود..

السبت، 11 أكتوبر 2008

لماذا يتجنب المهندسون استخدام قلم الرصاص لوضع علامات على المعادن؟

لماذا يتجنب المهندسون استخدام قلم الرصاص لوضع علامات على المعادن؟

تتفاعل المعادن كهربائيا مع بعضها البعض ، بحيث تبدأ سلسلة من التفاعلات . وكما يحدث في المعادن فإن بعض المواد غير المعدنية تتمتع بخواص كهربائية وتشترك في التفاعلات . والكربون هو أحد هذه المواد ويندرج في لائحة المواد المتفاعلة ويلي القصدير تماما . ولا يقتصر الأمر على ذلك ، بل إن جميع المعادن تفقد الإلكترونيات أثناء هذه التفاعلات وهذا شيء مشترك بينها ، بينما الكربون يكتسب الإلكترونيات عندما يتفاعل مع بقية المعادن . هذا يعني أن تفاعله الكهربائي قوي جدا ومصدر طاقة جيد ، . يتكون الرصاص في قلم الرصاص العادي من الغرافيت ( وهو نوع من الكربون ) والطين الصيني ( سيليكات الألمنيوم ). وكلما زادت قساوة القلم كلما زادت فيه نسبة الغرافيت.

ولابد من تجنب عمل علامات أو الكتابة في معدن نشيط مثل الألمنيوم ، الذي قد يستخدم بشكل غير مدهون في جناح الطائرة مثلا ، قد يتسبب بكارثة اشتعال النيران بالطائرة بسبب تفاعل الكربون مع الالمنيوم .
ولتفادي مثل هذه المشكلة ، يجب على المهندس استخدام أداة حادة لوضع الإشارات ، أو صباغ خاص لا يحتوي على الكربون. لأن الأداة الحادة تخدش سطح المعدن فقط ( وفي حالة الألمنيوم سيلتئم الخدش تلقائيا بتمدد طبقة الأكسيد عليه ) بينما الصبغة لا تنقل التفاعلات الكهربائية . وقد يضطر المهندس أحيانا إلى تغطية جسم الطائرة كله بطبقة واقية ، يرسم عليه علاماته ، ثم يزيله بعد ثقب جميع الأماكن اللازمة.



الثلاثاء، 7 أكتوبر 2008

ما هو الفرق بين CD & DVD


ما هو الفرق بين CD & DVD

كثر الحديث عن تقنية DVD وإذا كنت تتساءل عن ماهية هذه التقنية، وفيما إذا كنت ستحتاجها فعلاً، فإليك الإجابة عن هذه التساؤلات.

لكن، سنبدأ إجابتنا باختبار بسيط لمعلوماتك: أيهما يحتوي على مسارات tracks أكثر؟ قرص CD أم قرص DVD؟ يعتقد معظم الناس أن قرص DVD يحتوي على بيانات تفوق بكثير ما يحتويه قرص CD، ولذلك فإن الجواب الصحيح على سؤالنا، يبدو وكأنه قرص DVD. لكن الواقع ليس كذلك.. إذ يشكل سؤالنا متناقضة منطقية، لأن كلاً من أقراص CD وأقراص DVD يحتوي على مسار واحد فقط!


وعلى الرغم من أن أقراص CD وأقراص DVD تشترك في عدد من المزايا، إلا أنها تحمل بين طياتها بعض الفروقات المهمة. ونأمل، بعد قراءة هذا المقال، أن يصبح لديك تصور أفضل عن كلا التقنيتين، وعن النوع الأنسب منهما لتلبية احتياجاتك. ومن المفيد، لكي نفهم أوجه التشابه والاختلاف، أن نبدأ بالمهمة الأساسية لكل نوع.

الأقراص المدمجة Compact Disks

يمثل مصطلح CD باللغة الإنجليزية اختصاراً لعبارة "قرص مدمج" compact disc علماً أن الكثير من المطبوعات -بما فيها مجلتنا هذه- تستخدم كلمة disk بدلاً من disc بهدف تنسيق وتوحيد المصطلحات. وطوّرت هذه التقنية شركتا فيليبس وسوني عام 1981، كوسط لتسجيلات موسيقى الستيريو stereo music. فقد كانت الأسطوانات الموسيقية القديمة مصنوعة من مادة الفينيل vinyl، المعرضة للتلف بسهولة، وكانت تعاني من قصور في توليد مجال كامل من الأصوات، كما كانت تعاني، في الغالب، من مشكلة تداخل الكلام cross talk، حيث يمكن أن نسمع المقاطع الموسيقية ذات الصوت، المرتفع، من خلال المقاطع الموسيقية منخفضة الصوت، المجاورة لها.

حلت تقنية أقراص CD جميع هذه المشاكل، بالإضافة إلى أنها قدّمت العديد من المزايا الأخرى. ويمتاز الصوت الرقمي بأنه أكثر دقة من الصوت التشابهي في عملية إعادة توليد الأصوات. فرأس القراءة الليزري لا يلامس القرص أبداً، مما يقلل من احتمالات الاهتراء والتلف، كما أن ظاهرة تداخل الكلام لا تحدث في الصوت الرقمي، لأن بيانات الصوت مخزنة على شكل عيّنات رقمية.

يتم تخزين البيانات، كسلسلة من البتّات، على مسار حلزوني واحد، يبدأ من مركز القرص، ويمتد نحو حافته الخارجية. وتركزّ أشعة القراءة الليزرية على طبقة البيانات، ضمن القرص البلاستيكي، حيث تتناوب التجاويف pits على الأرضية land. والأرضية عبارة عن منطقة ملساء خالية من التجاويف. يرتد الضوء المنعكس من خلال موشور prism، وينعكس على حساس ضوئي، يتغيّر توتر خرجه، اعتماداً على كمية الضوء التي يتلقاها. وكما هو الحال في الوسط المغناطيسي، لا تمثّل التجاويف والأرضية، بشكل مباشر، الأصفار والواحدات، بل إن الانتقالات بين التجاويف والأرضية، هي التي تمثّل البيانات. عند تسليط الضوء على تجويف، فإنه يتناثر بشكل أكبر من تناثره عند تسليطه على الأرضية. ويستطيع رأس القراءة بهذه الطريقة تحسس الانتقالات بين التجاويف في المسار، ويمكنه بالتالي، إعادة توليد البيانات.

تخزن البيانات في عناصر صغيرة جداً: يبلغ طول الخطوة المسارية track pitch -أي المسافة بين المسارات المتجاورة- 1.6 ميكرون فقط، وتتراوح أطوال التجاويف من 0.83 إلى 3.0 ميكرون. الميكرون هو واحد بالألف من الميلليمتر. ويتم طبع التجاويف في مساحة فارغة، من البلاستيك متعدد الكربونات polycarbonate، يتم تغطيتها بطبقة رقيقة من الألمنيوم، الذي يعطي القرص لونه الفضي المميز. ثم تُغطّى طبقة الألمنيوم بطبقة رقيقة من الورنيش lacquer، الذي يؤمن سطحاً أملس، يمكن طباعة عنوان القرص عليه.

يجهل العديد من المستخدمين، أن الطبقة العلوية من أقراص CD، وهي الطبقة التي يطبع عليها عنوان ومحتويات القرص، هي في الواقع أكثر عرضة للتلف من الطبقة السفلية، ذات السطح الصافي. وإذا خُدش السطح العلوي بعمق كاف لتلف طبقة الألمنيوم العاكسة، فليس أمامك من وسيلة لإنقاذ هذا القرص، سوى استبداله. وتركز أشعة الليزر في الواقع، من ناحية أخرى، على طبقة تقع ضمن القاعدة الصافية للقرص، ويمكنها قراءة البيانات متجاوزة بعض الخدوش الصغيرة على السطح، بطريقة مشابهة للطريقة التي يمكننا بها أن نركّز على الكائنات الخارجية، عندما ننظر من خلال شبك screen نافذتنا. وحتى إذا كان الخدش حاداً، لدرجة أنه يمنع أشعة الليزر من قراءة البيانات، فمن الممكن أن نتمكّن من إنقاذ هذا القرص عن طريق تنظيفه وتلميعه.

تستخدم أقراص Audio CD الصوت الرقمي، المبني على معدّل مسح العينات sampling rate بتردد 44.1 كيلوهرتز، والذي يؤمن استجابة ترددية مناسبة للأصوات التي يصل تردد الخطوة فيها حتى 20 كيلوهرتز يعتقد بعض الخبراء والمختصين في أنظمة الصوت، أن معدل الترددات هذا غير كاف لالتقاط تأثيرات الأصوات النفسية psychoaccoustic، التي لا يسمعها الشخص العادي. وتحتوي كل عينة على 16 بت من البيانات، التي تؤمّن 65536 مستوى مطالي مختلف. ويمكن أن نستنتج أن هذا العدد يؤمّن مجالاً ديناميكياً واسعاً، للمقاطع الموسيقية الصاخبة والهادئة. ويتم تسجيل الأصوات في مسارين للحصول على صوت ستيريو.

إذا ضربنا 44100 عينة، تتألف كل واحدة منها، من 2 بايت 16 بت تساوي 2 بايت، في عدد القنوات، وهو اثنتين، سنحصل على معدل نقل للبيانات، يزيد قليلاً على 176 كيلوبايت في الثانية. وتنقل سواقة الأقراص المدمجة أحادية السرعة، البيانات بهذا المعدل، إلا أن جزءاً من تيار البيانات، يستخدم للمعلومات المتعلقة بتصحيح الأخطاء، مما يؤدي إلى انخفاض معدل النقل الفعال للسواقة إلى 150 كيلوبايت في الثانية. وإذا سقط أحد بتّات المعلومات بأي حال، من مسار القرص المدمج الصوتي، فإن التأثير السمعي قد لا يكون ملحوظاً على جودة الصوت، لكن خطأ واحداً في البتّات العائدة لملف بيانات أو برنامج، يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة.

يمكن تخزين حتى 74 دقيقة من الصوت على قرص CD، وهذا ما يعادل أكثر من 783 مليون بايت. وإذا طرحنا منها الكمية المستخدمة لتصحيح الأخطاء، سنحصل على سعة قرص CD-ROM النظامية، والتي تساوي 680 مليون بايت، تقريباً.

تًخزّن البيانات في مسار حلزوني واحد، كما أسلفنا، مما يعني أن رأس القراءة يقرأ كمية أكبر من البيانات في دورة واحدة، عندما يكون عند الحافة الخارجية من القرص، بالمقارنة مع البيانات التي يقرؤها عندما يكون أقرب إلى مركز القرص. وتتطلب أقراص CD الصوتية، تدفقاً ثابتاً ومنتظماً للبيانات، مما يعني أن القرص يجب أن يدور بشكل أسرع، عندما يكون رأس القراءة قريباً من مركز القرص، وهذا ما يسمى بالتصميم ذو السرعة الخطية الثابتة constant linear velocity, CLV. بينما يدور القرص الصلب النموذجي بسرعة ثابتة، فنقول أن تصميمه ذو سرعة زاويّة ثابتة constant angular velocity, CAV.

تكفي سرعة 176 كيلوبايت في الثانية لنقل البيانات الصوتية من الأقراص المدمجة، لكن تعتبر سرعة 150 KBps، بطيئة لتطبيقات البيانات. وتستخدم برامج وألعاب الملتيميديا في الكمبيوترات، قصاصات clips فيديو رقمية، وملفات رسوميات كبيرة، تتطلب معدّلات نقل أعلى، لكي تعمل بانسياب. وقد تسارعت سواقات الأقراص المدمجة، في زمن قياسي، إلى درجة أن السواقات ذات 32 ضعف السرعة الأساسية، ويرمز لها 32X، صارت منتشرة في معظم الكمبيوترات الحديثة، كما تتوفر سواقات أسرع من ذلك. ولنلاحظ أن العديد من هذه السواقات الجديدة، يمكنها أن تستخدم، عند قراءة البيانات، السرعة الزاويّة الثابتة CAV وحدها، أو مزيجاً من سرعة CAV والسرعة الخطية CLV كما أنها تدعم السرعة الخطية CLV "أحادية السرعة"، المطلوبة للأقراص المدمجة الصوتية. ونتيجة لذلك، فإن معدل نقل البيانات الفعلي يتغير تبعاً لموقع البيانات على القرص. ويمكنك في معظم الحالات، الحصول على السرعة الاسمية العظمى، فقط عند قراءة أبعد نقطة من المسار عن المركز، على قرص CD ممتلئ بالبيانات. وحتى مع استخدام السرعات الدنيا لهذه السواقات، فإنها تعتبر أسرع بعشر مرات على الأقل، من السواقات أحادية السرعة 1X الأصلية.

تستحق إحدى مشتقات هذه التقنية، الإشارة إليها بشكل خاص، وهي أقراص CD-ROM القابلة للتسجيل، أو CD-R. تعتبر الأقراص المدمجة القياسية وسطاً صالحاً للقراءة فقط، حيث يتم ختم المعلومات فيزيائياً، في فراغات بلاستيكية لا يمكن تغييرها. بينما تسهّل تقنية CD-R عملية إنشاء نسخ مستقلة عن البيانات أو الموسيقى، على أقراص مدمجة قابلة للكتابة عليها CD-R، باستخدام سواقات خاصة، وبحيث يمكن استخدام الأقراص الناتجة في أي سواقة CD قياسية. ويتم هذا الأمر عن طريق وضع صباغ حساس للحرارة، بين طبقة البلاستيك الناعم، والطبقة العاكسة. وعندما تستخدم سواقة CD-R لـ "حرق" قرص مدمج قابل للكتابة، فإن شعاع الليزر يسخن طبقة الصباغ، إلى درجة تغيّر خواصها الانعكاسية بشكل دائم، أي إلى تسجيل البيانات عليها. تنشر هذه البقع التي تغيرت خواصها الانعكاسية، شعاع الليزر الصادر عن رأس القراءة، بطريقة مشابهة لما تفعله التجاويف الموجودة على الأقراص المدمجة العادية، ويمكن بالتالي استخدامها في معظم سواقات CD-ROM.

أقراص DVD

تعتبر أقراص CD مناسبة جداً لألبومات الموسيقى، أو ألعاب الكمبيوتر، والتطبيقات على الرغم من أن بعضها يحتاج إلى قرصين أو أكثر. لكن، إذا أردت أن تضع فيلم فيديو كامل، على قرص واحد، فإن أقراص CD صغيرة جداً، وبطيئةً جداً، لهذا الغرض. وحلت الشركات الصانعة هذه المشكلة بتطوير أقراص DVD.

يمثل مصطلح DVD في الأصل، أوائل الكلمات"قرص فيديو رقمي" digital video disk، لأنه كان مصمماً للاستخدام كوسط لتخزين ونقل الأفلام الرقمية، لعرضها في التلفزيونات المنزلية. ثم تطوّر هذا المصطلح ليقودنا إلى عالم من التطبيقات الأخرى، المتعلقة بالأقراص البصرية optical ذات السرعة العالية، والسعة الكبيرة، ولذلك تغيّر اسمه إلى"قرص متنوع رقمي" digital versatile disk. لكن تغيير التسمية لم يسبب أي مشكلة، لأن معظم الناس،يستخدمون الاختصار DVD، فقط.
قد يصعب علينا، للوهلة الأولى،التمييز بين قرص DVD وقرص CD. فلهما قياس واحد، حيث يبلغ قطر كل منهما 120 ملليمتراً، وكلاهما عبارة عن أقراص بلاستيكية بسماكة 1.2 ملليمتراً، ويعتمدان على أشعة الليزر لقراءة البيانات الممثلة بواسطة التجويفات، ضمن المسار الحلزوني. لكن أوجه التشابه بينهما تنتهي تقريباً، عند هذا الحد…

صمم قرص DVD لتخزين فيلم سينمائي، يستغرق طوله وسطياً، حوالي 135 دقيقة. يتطلب تخزين صورة فيديو بالحركة الكاملة، وباستخدام تقنية الضغط MPEG2، حوالي 3500 كيلوبت لكل ثانية. وإذا أضفنا الصوت الرقمي المحيطي العامل بنظام الأقنية الستة 5.1 خمس قنوات موجهة من الوسط، واليسار، واليمين، واليسار الخلفي، واليمين الخلفي، بالإضافة إلى قناة مضخم فرعي غير موجهة، فستحتاج الصورة إلى 384 كيلوبت أخرى في الثانية. وإذا أضفنا التخزين الإضافي اللازم لتسجيل الحوار بلغات مختلفة، والعناوين الفرعية لمقدمة الفيلم ونهايته، فإن حجم التخزين المطلوب يصل إلى 4692 كيلوبت لكل ثانية من طول الفيلم، الذي يبلغ 135 دقيقة، أي 586.5 كيلوبايت في الثانية. وبحساب بسيط يتبين أننا نحتاج إلى قرص بسعة 4.75 مليون كيلوبايت، لتخزين فيلم فيديو كامل. ويشار إلى هذه الأقراص في الصناعة، غالباً، بالرمز 4.75GB.

كيف يمكن أن نحصل على سبعة أضعاف سعة القرص المدمج العادي CD، على قرص له الأبعاد ذاتها؟
يمكننا ذلك عن طريق تصغير أبعاد العناصر الممثلة للبيانات، فتتقلص خطوة المسار -أي المسافة بين الأخاديد- من 1.6 ميكرون، إلى 0.74 ميكرون فقط، وينخفض قياس التجويف من 0.83 ميكرون إلى 0.40 ميكرون. ونظراً لأن طول موجة الضوء، الصادر عن أشعة الليزر في سواقات CD التقليدية، لا يسمح بالتعرف إلى هذه التجاويف الصغيرة، اضطر المهندسون، لكي يتمكّنوا من صنع سواقات DVD، أن يطوروا أشعة ليزر تنتج ضوءاً بطول موجة 640 نانومتر، بدلاً من 780 نانومتر المستخدمة في سواقات CD. وتتطلب هذه الطريقة أيضاً، أن تكون صفيحة القرص disk platter أقل سماكة، بحيث لا يضطر الضوء إلى اختراق طبقة سميكة نسبياً، من البلاستيك، ليصل إلى طبقة البيانات. ويتطلب تصميم قرص DVD أن تكون سماكة صفيحته مساوية لنصف سماكة قرص CD، أي 0.6 ملليمتر. وللمحافظة على سماكة 1.2 ملليمتر للقرص، يجب لصق صفيحة فارغة بسماكة 0.6 ملليمتر على وجهه العلوي توجد استخدامات أخرى لهذه الطبقة، سنأتي على ذكرها لاحقاً.

يمكن للبوصة الواحدة من مسار قرص DVD، وعن طريق تقليص أبعاد تجاويف البيانات، أن تستوعب حوالي ضعف كمية البيانات، التي تستوعبها البوصة الواحدة من مسار قرص CD. ولكي نحصل على معدل نقل قريب من 600 كيلوبايت في الثانية، الذي نحتاجه للفيلم السينمائي، يجب أن يدور قرص DVD بشكل أسرع من دوران قرص CD القياسي.

وتقدم سواقات DVD-ROM معدلات أعلى لنقل البيانات، للاستخدامات المتعلقة بتطبيقات البيانات، فالسرعة الأحادية تبلغ 1.3 ميجابايت في الثانية، وتتوفر في الأسواق سواقات تعمل بضعف هذه السرعة.
على الرغم من أن 4.7 جيجابايت قد تبدو سعة هائلة، إلا أن المواصفات القياسية لأقراص DVD بدأت تتطلّب سعات أكبر. وعلى سبيل المثال، بدلاً من لصق صفيحة فارغة فوق قرص DVD المحمّل بالبيانات، لماذا لا نضع قرص بيانات آخر فوقه؟ فنحصل بذلك على قرص بوجهين، تصل سعته إلى 9.4 جيجابايت. وقد استفاد الكثير من أفلام DVD من هذه الميزة، حيث وضعت على الوجه الأول إصدارة للفيلم مهيئة بنسبة إظهار 4:3، لاستخدامها مع التلفزيون العادي، أو مرقاب الكمبيوتر، ووضعت على الوجه الثاني، إصدارة مهيئة بنسبة إظهار 16:9 للشاشات العريضة.

لا تقف إمكانيات تقنية DVD عند هذا الحد، فهناك المزيد. يمكن عن طريق تغيير تركيز أشعة ليزر القراءة، قراءة المعلومات من أكثر من طبقة واحدة من القرص. فبدلاً من استخدام طبقة إنعكاس كتيمة، يمكن استخدام طبقة نصف شفافة، تتوضع خلفها طبقة إنعكاس كتيمة، لحمل المزيد من البيانات. وعلى الرغم من أن هذه التقنية لا تضاعف السعة تماماً، نظراً لأن الطبقة الثانية لا يمكنها أن تكون بكثافة الطبقة الأولى، إلا أنه يمكن استخدام هذه الطريقة للحصول على قرص بوجه واحد وطبقتين، سعته 8.5 جيجابايت. وإذا استخدمنا هذه الطريقة على وجهي القرص، سنحصل على قرص DVD يتسع حتى 17 جيجابايت من البيانات.

تعاني مؤسسات الإنتاج السينمائي، التي تنتج أقراص DVD، من مشكلة مهمة، وهي نسخ وتوزيع هذه الأفلام بصورة غير شرعية. وتوجد مشكلة أخرى، فنظراً لأن هذه المؤسسات تسيطر على توزيع الأفلام عبر العالم، فقد تحصل بعض الأسواق العالمية، على حق عرض فيلم معيّن في دور السينما، قبل غيرها من الأسواق، وبالتالي فإنها ترغب في منع المستخدمين في بعض مناطق العالم، من مشاهدة أقراص DVD، تم طرحها للاستخدام في مناطق أخرى.

وأدّى هذا إلى ظهور أفلام على أقراص DVD، تحتوي على نظام أمني متطور، لزيادة صعوبة نسخ الأقراص بشكل غير شرعي. وتم ترميز أقراص DVD لتعمل فقط مع مشغّلات players تحتوي على مفتاح مستخدم في منطقة معينة من العالم. ويمكنك في بعض الحالات، إعادة تعريف رمز المفتاح في المشغل، كما هو الحال في بطاقات فك ترميز DVD المستخدمة في الكمبيوترات، إلا أن معظم المشغلات تمنع تغيير هذا المفتاح.

الأحد، 5 أكتوبر 2008

قصة التفاعل النووي المتسلسل لإنجاز القنبلة النووية في 1942

قصة التفاعل النووي المتسلسل لإنجاز القنبلة النووية في 1942

د. حـازم فـلاح سـكـيـك
قسم الفيزياء كلية العلوم جامعة الأزهر




كان للقاء الذي جمع الفيزيائيان الأوروبيان فيرمي Fermi وزيلارد Szilardفي يناير من العام 1939 في نيويورك قد أدى إلى شراكة علمية من أقوى الشراكات في تاريخ العلم ساعد على حل مسألة الطاقة الذرية وإنجاز أول تفاعل نووي متسلسل nuclear chain reaction في عام 1942 وتفعيل مشروع مانهاتن لتصنيع القنابل الذرية في 1945.

توجه فيرمي وهو في عامه الثامن والثلاثون من روما إلى نيويورك حيث توقف في استوكهولم لتسلم جائزة نوبل في الفيزياء لعام 1938 لأبحاثه العلمية في مجال قذف عنصر اليورانيوم بالنيوترونات مما ساعد على اكتشاف عناصر أثقل من اليورانيوم وقد استقر في أمريكا وعمل في جامعة كولومبيا.


أما العالم زيلارد فقد غادر مسقط رأسه في بودابست إلى برلين في عام 1919 حيث درس وعمل مع البرت اينشتاين وكان لهما العديد من البحوث وبراءات الاختراع. ولكن بعد استيلاء هتلر على السلطة في 1933 غادر زيلارد من برلين إلى لندن ليعمل في جامعة أكسفورد وقد عمل في العديد من الأبحاث في مجال التفاعل النووي المتسلسل لإنتاج طاقة الكترونية لاستخدامها في محطات الطاقة الكهربية وفي الأسلحة النووية. ولكن المشكلة كانت في إيجاد العنصر الذي يستطيع توليد التفاعل المتسلسل.

بعد فشل دام أربع سنوات انتقل إلى جامعة روسيستر وجامعة ايلينوي في الولايات المتحدة واستقر في النهاية في جامعة كولومبيا.


بعد أيام قليلة من اللقاء الأول بين فرمي وزيلارد الذي حصل مصادفة في فندق كينك كروان، جاء إلى نيويورك الفيزيائي الدنمركي (بور) Bohr حاملاً معه خبراً مهما من أوروبا وهو أن الفيزيائي ( مايتنر ) Meitner، أكد أن كيميائيين من برلين هما (هان) Hahn و (ستراسمان) Strassmann جعلا اليورانيوم يخضع ( للانشطار) Fission عن طريق قذفه بالنترونات neutron. وبذلك قسما الذرة atom.(في عام 1966 حاز هؤلاء الثلاثة جائزة انريكو فرمي نظير هذا العمل). وكان تقرير (بور) عونا لفرمي من اجل فهم أكمل لتجاربه على اليورانيوم التي قام بها عام 1934. إضافة إلى إمكانية تكوين عناصر أثقل.

اكتشاف الإنشطار أكد مخاوف زيلارد إن القنبلة الذرية يمكن أن تصبح واقعاً حاسماً، طرأت فكرة التفاعل المتسلسل على ذهن زيلارد بينما كان يقف في زاوية أحد شوارع لندن عام 1933 واعتقد العلماء حينذاك إن الذرة مشابهة للمنظومة الشمسية من حيث أن لها إلكترونات سالبة الشحنة تدور في مدار حول نواة من البروتونات الموجبة الشحنة و النيوترونات المعتدلة الشحنة وبما انه ليس للنترون شحنة فقد يهرع إلى ذرة من الذرات خلسة ويخترق النواة من دون أن يطرد. لقد تخيل زيلارد انه لو قذف نيترون ما النواة وشطر الذرة، فإن الانشطار الحاصل قد يحرر طاقة الربط binding energy التي تحافظ على تماسك الذرة تلك، قد تتحرك بدورها، مما قد يسمح لها بضرب الذرات الأخرى وشطرها. فإذا تحرر أكثر من نيترون واحد من كل انشطار ذرة، يمكن أن تتسع العملية اتساعا كبيرا، مع ملايين الذرات منشطرة في جزء من الثانية ومحررة كميات هائلة من الطاقة. (وقد علم زيلارد فيما بعد أن أخبار بور مكنت فرمي أيضا من تصور تفاعل متسلسل، مع أن حدوثه اعتبر بعيد الاحتمال).


بينما كان زيلارد يسجل براءة اختراعه عام 1934، كان فرمي في روما آخذاً في تبوء مكان الصدارة كخبير عالمي حول قذف الذرات بالنترونات. ووجد إن إمرار النيوترونات من خلال شمع البارافين، يمكن من تبطيئها، مما يزيد من فرصة امتصاصها من قبل النواة المستهدفة للقذف. كان عمله في اليورانيوم محيراً. فأحيانا تمتص النواة نيوترونات ينتج عناصر مختلفة أثقل، أو نظائر isotopes لليورانيوم إذ يتحكم في الهوية الذرية عدد البروتونات. ولكن في أحيان أخرى يكون القذف النيوتروني يؤدي إلى تخليق عناصر جديدة. وبإتباع تجارب فرمي المنشورة في المجلات العلمية، اقترح الكيميائي الألماني (نوداك) Noddak تحليلاً كيميائياً للأنواع الجديدة لرؤية ما إذا كانت هذه الأنواع شظايا من ذرات منشطرة. ولكن فرمي، ركز انتباهه على القذف والامتصاص، ولم يتابع مضامين تلك العناصر الجديدة. ولذلك تمكن من تمييز الانشطار الذري قبل مايتز بسنوات.


في جامعة كولومبيا وفي ربيع عام 1939 أجرى كل منو فرمي و زيلارد تجارب تهدف إلى فهم اقل للإنشطار. وقد قدم زيلارد للفيزيائي الكندي (زين)Zinn مصدراً نيوترونياً من الراديوم _ البيريليوم radium – beryllium المشع، كان زيلارد قد صل عليه من إنكلترا. وبهذا المصدر المشع بين زين وزيلارد أن أكثر من نترونين قد انطلقا في أثناء الانشطار. وقام فرمي ومساعده (اندرسون) بتجربة مشابهة مستخدمين مصدر بيريليوم_ رادون أقوى، فتوصلا إلى نتائج غير قطعية، وقدر زيلارد إن المصدر كان أكثر قوة مما يلزم، فمكن بعض النترونات من المرور عبر النواة مما صعب عليهما معرفة ما إذا كانا يحصيان النيترونات الناجمة عن الانشطار، أم النيترونات الأصلية، وقد توصل فرمي إلى نتائج أكثر وضوحا باستخدام المصدر النيتروني الإنكليزي الذي حصل عليه زيلارد. عندئذ سعى الرجلان إلى العمل معاً – مع صدام صاخب ناجم عن أساليبها الشخصية في العمل لقد كان زيلارد يتفادى العمل اليدوي مفضلا الاستلهام الفكري، في حين فرمي كان يتوقع إسهام جميع فريق عمله في إجراء التجارب. ومع أن كل واحد من الرجلين كان يحترم قدرات الآخر، واعترافا منهما بحاجة كل منهما إلى الآخر، فقد لجأ كل منهما إلى رئيس قسم الفيزياء في جامعة كولومبيا (بيكرام) الذي قبل أن ينسق عملهما الفردي، فكبحت دبلوماسية بيكرام المكوكية دقة فرمي وعلم زيلارد بالغيب. ومع اندرسون نجح الزميلان المتشاجران في إثبات انه باستخدام النيوترونات البطيئة ( يمكن الإبقاء على تفاعل نووي متسلسل).

بناء تفاعل متسلسل

مع أن التصادمات بين فرمي وزيلارد كانت عادية جداً، فإن التصادمات بين النيوترونات والنواة كانت في بداية الأمر نادرة جداً واختراق النيوترونات لما سمي بالمهدئات moderators مثل بارافين فرمي، ساعد على تبطيئها، جاعلاً صدامها مع نواة الذرة أكثر احتمالا. وبحلول عما 1939 عرف الفيزيائيون أيضا أن ( الماء الثقيل ) heavy water كان مهدئا كافيا. فلماء العادي أو ( الماء الخفيف ) يتألف من ذرتي هيدروجين وذرة أكسجين، حسب الصيغة المألوفة H2O أما في الماء الثقيل فيتحد اثنان من ايزوتوب الهيدروجين الثقيل، وهو ما يسمى الديوتريوم deuterium، مع الأكسجين. ومازال الماء الثقيل يستخدم مهدئا فعالا لوقود اليورانيوم الطبيعي في المفاعلات الذرية الحالية، أما الماء العادي فيستخدم لتخصيب وقود اليورانيوم. لكن الماء الثقيل كان باهظ الثمن ونادراً.
قاس اندرسون امتصاص النترون في الكرافيت النقي فوجد انه يمكن أن يكون مهدئا جيداً بالفعل. وأوصى زيلارد بأن تظل نتائج هذه التجربة سرية، فاعترض فرمي، العالم المحترف، على خرق التقليد الأكاديمي العريق في النشر العلمي لنتائج التجارب العلمية. وفي هذا الصدد. ومرة أخرى تدخل بيكرام، فوافق فرمي بامتعاض على رقابة ذاتية في هذه الظروف الخاصة. لقد ظن فرمي أن المهدئ الكرافيتي قد يوفر بصيص أمل على الأقل من اجل تفاعل متسلسل مداوم ذاتيا.


قام زيلارد بالبحث على المباشرة فوراً ( بتجارب ضخمة ) لكن فرمي ظل متشككا واقترح زيلارد أن تكون، بالتناوب، طبقات من الكرافيت واليورانيوم في شبيكة lattice قد يحدد هندستها تبعثر النيوترونات والأحداث الانشطارية التالية. فرد فرمي على ذلك بتصميم متجانس يختلط فيه اليورانيوم والكرافيت وقد اغضب هذا الاقتراح زيلارد، الذي استنتج أن فرمي فضل هذا التصميم لأن شكله أسهل للقيام بالحسابات حوله. لكن فرمي رد بأن تفكيراً إضافيا أقنعه بفكرة الشبيكة لزيلارد. ولدى قناعته بالفكرة قام فرمي بتطبيق مهارته المتينة لتحديد الخصائص الفيزيائية للشبيكة وتحديد العناصر البشرية اللازمة لصنع مفاعل.

أصدقاء في مناصب عالية


اقر زيلارد انه على الرغم من قدراته وقدرات فرمي العقلية، فمازالا بحاجة إلى هذه الرسالة المشهورة والتي رفعت إلى الرئيس روزفلت حينذاك. تبدأ الرسالة المشهورة هذه. والمؤرخة في 2/8/1939 بالآتي ( إن بعض الأبحاث الراهنة التي يقوم بها فرمي وزيلارد…) وتتابع الرسالة بالتحذير من الأبحاث الألمانية في مجال التسلح الذري، وتحث الولايات المتحدة على القيام بأبحاث خاصة به في هذا المجال.


مرر زيلارد الرسالة إلى المستثمر المصرفي (ساكس) الذي كان مستشار الصفقة الجديدة وبمقدوره الوصول إلى رئيس الولايات المتحدة. لقد بدأت الحرب العالمية الثانية في 1/9/1939، وبعد نحو شهر من ذلك عندما تسلم روزفل اخبرا الرسالة وافق على انه لا بد من عمل شيء، شكل لجنة اليورانيوم الفدرالية التي ضمت زيلارد وبقية العلماء المهاجرين كأعضاء وخلال أسابيع حصلوا على 6000 دولار كمخصصات للأبحاث في جامعة كولومبيا. ومع ذلك فقد اضطر اينشتاين في عام 1940 إلى أن يؤدي مرة أخرى دوراً حاسماً عندما كاد جيش الولايات المتحدة يرفض منح فرمي وزيلارد ، وبوصول المخصصات، اخذ فريق فرمي بالعمل بانتظام لبناء مفاعلات piles (شبيكة زيلارد) من اليورانيوم والكرافيت، لاختبار النسبة والتشكيل الهندسي المطلوبين للحصول على تفاعل نووي متسلسل امثل. وقبل يوم من الهجوم الياباني على بُرل هاربر، وافق الرئيس روزفلت على التزام فدرالي لتوفير الوسائط والإمكانيات كافة من اجل أبحاث القنبلة الذرية، وفي ربيع عام 1942 انتقل فرمي و زيلارد مع بقية فريق كولومبيا إلى جامعة شيكاغو، حيث أسسوا ( مختبر تعدين ) metallurgy laboratoryسريا للغاية من اجل بحث التفاعل النووي المتسلسل. وفي الشهر 6/1942 أسندت إدارة هذا المختبر إلى مشروع مانهاتن العائد للجيش. وفي خريف عام 1942 شيد مفاعل، بكرات من اليورانيوم مرصوصة في قوالب من الكرافيت. وفي 2/2/1942، في باحة سكواش بإستاد كرة القدم التابع للجامعة، اشرف فرمي على تجربة كانت بداية أول تفاعل نووي متسلسل مداوم ذاتيا ومسيطر عليه.

الصدامات الأخيرة والائتلاف


قبيل نهاية الحرب عام 1945 اختلف فرمي وزيلارد مرة أخرى لقد سارع زيلارد إلى تطوير القنبلة الذرية كسلاح دفاع ضد ألمانيا. وبانتحار هتلر دعا زيلارد إلى عدم استخدام القنبلة الذرية ضد اليابان، و إنما يجب بدلا من ذلك القيام باستعراض لقوتها يدفع اليابان إلى الاستسلام. أما فرمي، فباعتباره مستشاراً علمياً للجنة العليا للإدارة حول خيارات استخدام القنبلة الذرية فرأى أن الاستعراض لن يكون عملياً. وقد وافقت الإدارة على رأي فرمي، وبحلول الشهر 8/5/1945 دمرت مدينتا هيروشيما وناكازاكي.

بعد الحرب فضل فرمي استمرار سيطرة الجيش على الأبحاث الذرية، في حين نجح زيلارد في مرواضة الكونجرس لتكوين هيئة طاقة ذرية مدنية. وفي عام 1950. وحد الاثنان أرضية مشتركة في معارضة تيلر، صديق زيلارد القديم، عندما عارضا تطوير الولايات المتحدة للقنبلة الهدروجينية. وقد اعتبر فرمي القنبلة الهدروجينية (سلاحاً هو في الواقع من أسلحة الإبادة الجماعية إلى حد ما).


لقد نشرت براءة اختراع مشتركة لفرمي وزيلارد في ( المفاعل النيوتروني) أول مرة عام 1955، وذلك بعد سنة من وفاة فرمي. وقد واصل زيلارد البحث في البيولوجيا الجزيئية والتحكم في التسلح النووي حتى وفاته عام 1964.